الجلابية والعقال.. موروث شعبي غير قابل للاندثار في الرقة
استطاع لباس الرجل الفراتي "الجلابية والعقال" أن يصمد أمام منافسيه من الألبسة العصرية التي غزت الأسواق، عبر التقيد والمواظبة على ارتدائه في جميع الأوقات والمناسبات.
استطاع لباس الرجل الفراتي "الجلابية والعقال" أن يصمد أمام منافسيه من الألبسة العصرية التي غزت الأسواق، عبر التقيد والمواظبة على ارتدائه في جميع الأوقات والمناسبات.
في ظل الحداثة وظهور صرعات الموضة العصرية، لا يغيب اللباس الموروث "الجلابية والشماغ والعقال والعباءة" بين كافة الفئات العمرية في مدينة الرقة.
وجاءت تسمية "العقال" منذ أيام القوافل العربية التي كانت تعبر الصحراء، واستخدمه العرب قديماً لربط الناقة من أجل تثبيتها في مكان ما، أي بمعنى "عقل الشيء"، وحين يرغبون التنقل بها يضعونه فوق غطاء الرأس لحين حاجتهم إليه.
وكان ارتداء العقال مقتصراً على طبقات معينة في إشارة للمكانة الاجتماعية التي يتمتعون بها، واليوم صار شائعاً ويلبسه من أراد.
ويعد "العقال" رمزاً ثقافياً واجتماعياً، وبات جزءاً أساسياً من اللباس العربي الذي تطور عبر الزمن، إذ له دلالات ومعانٍ كثيرة عند العرب، فهو ليس جزءاً من الزي العربي فقط، بل رمزاً للأصالة أيضاً، فسقوط العقال حسب الأعراف العشائرية يعني سقوطاً عظيماً للقيّم.
ووحول طريقة صنع العقال، يقول عمر الجرداوي، صاحب محل لبيع الألبسة العربية "الكلابية، العقال، البشت، الفروة"، المتوارث عن آبائه وأجداده، وأسس عام 1960، في شارع القوتلي وسط مدينة الرقة: "يُصنع العقال من خيوط منسوجة من صوف الماعز، ومع التطور دخلت خيوط القطن والحرير في نسجه وصناعته، ويتفاوت سعره بحسب نوع الخيط المستخدم ما بين 50 ألف و400 ألف ليرة سورية، ومازالت صناعته متشبثة بالطريقة اليدوية، ومن أشهر أنواع العقال في المنطقة؛ الماعز".
وحول الزي العربي وطريقة ارتدائه، يقول الجرداوي أنه "بعد ارتداء الجلابية، والتي تُفصل من القماش وتأتي فضفاضة من الأسفل، يُلبس العقال فوق الشماغ أو الغترة على الرأس، ويُلبس البشت فوق الجلابية في فصل الصيف، وفي فصل الشتاء الفروة المصنوعة من جلود الخراف، ويعتبر العقال مع الشماخ من ضمن الزي العربي الرسمي منذ مئات السنين عند الرجال، ومن سماته الجمال والوقار".
ومن جانبه، شدد حوران العويد، على مواظبة ارتداء الزي التقليدي وتوريثه للأبناء للحفاظ عليه من الاندثار، وقال: "أصبح العقال جزءاً من العادات، فإذا شعر الرجل بالإهانة ألقى "عقاله" في المجلس ولا يعود للبسه حتى تسترد كرامته، وإذا قام أحد بفعل مُهين يُعَيِّرونه بالمقولة المشهورة؛ نكست عقالنا".
ووجه "العويد" رسالة إلى الفئات الشابة بالتقيد بارتداء الزي الفراتي التقليدي المتوارث، والابتعاد عن تعاليم وعادات وتقاليد الغرب، التي تسعى لتشويه عاداتهم وتقاليدهم القديمة.